تقرير| «غزة عطشانة».. كيف يعيش أهالي القطاع مع نفاذ مياه الشرب؟

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

تزداد الأوضاع الإنسانية والصحية سوءًا في قطاع غزة جراء استمرار العدوان الإسرائيلي، وتحديدًا، منذ 7 أكتوبر الجاري، حيث قامت إسرائيل بفرض حصار على غزة ردا على هجوم حماس، مما أثر بشكل كارثي على حياة الناس هناك، ومنذ ذلك الحين وقطاع غزة يعاني أزمة نقص مياه الشرب النظيفة.

فقد تم قطع إمدادات الكهرباء، مما أدى إلى تعطيل مستشفيات ومرافق الرعاية الصحية، وجعل الأمور تتجه نحو كارثة إنسانية، كما أن العديد من المستشفيات في حاجة ماسة للطاقة الكهربائية لتشغيل المعدات الحيوية والأجهزة الطبية، وهذا أصبح يشكل تهديدًا جديًا لحياة المرضى.

وبالإضافة إلى ذلك، تم قطع إمدادات المياه والوقود، مما أدى إلى نقص حاد في مياه الشرب وصعوبة الوصول إلى وقود السيارات والمولدات، وهذا التدهور الشديد في الظروف المعيشية يجعل الحصول على الضروريات اليومية أمرًا صعبًا للغاية.

تدور قصة السكان في غزة حول معاناتهم اليومية بعد نفاذ المياه من القنوات وكيف يقاومون هذه الصعوبات بصمود وإصرار. 

كيف يعيش السكان بعد نفاذ مياه الشرب الصالحة؟

ويروي محمود عبد الحكيم قصته حيث ينتظر بفارغ الصبر دوره لشراء المياه من صهاريج المياه في مدينة غزة، وبالرغم من الإرهاق الشديد الذي يشعر به، إلا أنه لا يدخر جهدا في مساعدة عائلته التي تضم زوجته وطفليه، بالإضافة إلى والديه، فهو يدرك مسؤوليته تجاههم، بحسب ما كشفته قناة "بي بي سي" الإخبارية.

ويجد محمود نفسه وسط طوابير من الناس الذين ينتظرون دورهم لملء زجاجات المياه الكبيرة والصغيرة، فتلك الصفوف هي الخيار الوحيد المتاح للمواطنين في ظل عدم توفر بدائل كافية، خصوصًا أن مياه الشرب في المنطقة ليست آمنة. 

ويتعين على الجميع التقيد بهذا الإجراء للحفاظ على صحتهم وسلامتهم.

وفيما يتعلق بجودة المياه، يعبر محمود عن تجربته قائلاً: "المياه مُرة المذاق جدا، تشبه المياه البحرية المالحة، وأنا مضطر لشربها رغم مذاقها المُر بسبب عدم وجود بدائل/ فالآن، أصبح سعر جالون المياه ما يعادل 12.5 دولار، وهذا غالي بالنسبة لنا، وفي الأمس، كنا ندفع حوالي خمسة دولارات، وهذا كان في أسوأ الظروف".

وأكمل مجمود، أنه في ظل هذه الأحداث، تُباع المياه الملوثة بـ "أسعار خيالية".

ويشير محمود: إلى أنه إذا حالفه الحظ، فسيستطيع ملئ جالون يكفي لثلاثة أيام وسيتشارك فيه مع عائلته ووالده و35 فلسطينيا نازحا، وسيتم ترشيد استخدام تلك المياه بحرص شديد.

ويقول إن عائلته قررت البقاء في غزة، رغم أوامر الجيش الإسرائيلي للسكان بالنزوح وسط غارات جوية مكثفة ومخاوف من عملية اجتياح بري.

وإذا سأل أحد هؤلاء الناس لماذا ينزحون صوب جنوب القطاع، فإنهم يردون بإجابة واحدة تقريبا هي: "وأين نذهب، وماذا سنأكل؟"، ويقول محمود: "والآن يحذّر الجيش الإسرائيلي بقصف هذا الحي".

وبحسب السكان في غزة، فإن الخزان الوحيد للمياه الجوفية في القطاع يعاني من التلوث الشديد، حيث يتم تلويثه بمياه الصرف الصحي والمواد الكيميائية وحتى مياه البحر، وهذا الخزان يعد المصدر الرئيسي للمياه في القطاع، ولكن وجود هذه الملوثات يجعل المياه غير صالحة للشرب.

أما بالنسبة لسكان غزة، فهم يعتمدون بشكل كبير على مرافق تحلية المياه وصنابيرها العامة كمصدر للمياه النظيفة، وهذه المرافق هي الأمل الوحيد للعديد منهم في الحصول على مياه نقية تصلح للشرب، في ظل تلوث المياه الجوفية.

وحتى نسبة 10 % من مياه الخزان الجوفي التي تعتبر صالحة للشرب، غالبًا ما تتعرض للتلويث أثناء عمليات التوزيع، مما يجعلها صالحة للاستخدامات الأخرى فقط، وهذا يعني أن السكان يضطرون للبحث عن بدائل للمياه النظيفة لاستخدامها في حياتهم اليومية، وذلك حسبما أفادت وكالة "فرانس برس".

وفي قطاع غزة، ومع تفاقم أزمة نقص المياه، اضطر الفلسطينيون إلى اللجوء إلى وسيلة بسيطة ومؤقتة لتأمين احتياجاتهم المائية، وبدأوا بسحب المياه من الآبار المتاحة وتعبئتها في صهاريج متنوعة الحجم، تلك الصهاريج تكون جسرًا لنقل المياه إلى أماكن متفرقة في القطاع، ومن ثم يتم توزيع المياه على العائلات المحتاجة.

هذا الإجراء يعكس حجم الصعوبات التي يواجهها السكان اليومية في ظل ندرة المياه، ومع تزايد الضغوط على الموارد المائية، يزداد تحدي الحفاظ على حياة كريمة، خاصة بالنسبة للعائلات التي تضم أطفالًا صغارًا تعتمد بشكل كبير على توفير المياه لتلبية احتياجاتهم اليومية.

اكتشاف حالات مرضية بين أهالي القطاع بسبب «المياه الملوثة»

وأبلغت وكالات الأمم المتحدة عن حالات انتشار العديد من الأمراض بين أهالي غزة  حيث يضطر الناس لشرب المياه الملوثة بحسب صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية .

قالت المتحدثة باسم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة الفلسطينيين "الأونروا"، جولييت توما، إن الناس فى جميع أنحاء غزة إما لا يحصلون على مياه على الإطلاق أو أن بعضهم لديه إمدادات محدودة.

وأكدت أنه حتى فى ملاجئ الأونروا فإن مياه الشرب أصبحت نادرة ويتلقى القطاع عادة المياه العذبة من مزيج من الآبار وخط أنابيب من إسرائيل ومحطات تحلية المياه على البحر المتوسط لكن وكالات الإغاثة تقول إن نقص الوقود والكهرباء أوقف عمل محطات التحلية ومرافق ضخ المياه.

ويقول مسئولون فى الأمم المتحدة، إن إسرائيل تسمح فقط بإمدادات محدودة وغير كافية من المياه عبر خط الأنابيب الممتد إلى جنوبى غزة لمدة 3 ساعات يوميًا، فيما حذرت وكالة الأونروا من أن "الأسوأ قادم".

سكان القطاع يواجهون أزمة مياه «كارثية» 

وخلال الأسبوع الماضي، أبدى سكان قطاع غزة قلقًا بالغًا إزاء جودة مياه الشرب، حيث عبروا عن استغرابهم من طعم المياه الذي أصبح يحمل نكهة "مالحة". 

وكما هو معروف، فإن المياه المالحة تعد غير صالحة للشرب، وقد يكون تناولها بكميات كبيرة مضرًا وحتى قاتلًا نتيجة لارتفاع ملح الصوديوم فيها، مما يزيد من احتمالية الجفاف وتدهور الحالة الصحية.

أما عن منظمة الصحة العالمية، فقد حذرت من أن تلوث المياه وتردي خدمات الصرف الصحي يمكن أن يؤدي إلى انتشار الأمراض بشكل كبير.

حيث يمكن أن يكون لتلوث المياه تأثير خطير على الصحة العامة، ويمكن أن يتسبب في انتشار أمراض مثل الكوليرا والإسهال والتهاب الكبد والتيفود وشلل الأطفال.

وهذا يضع حياة السكان في غزة في خطر كبير ويعزز حاجتهم إلى مصادر مياه نظيفة وآمنة بشكل ملح، كما أن هذه الأزمة المائية تضع السكان أمام تحدٍ كبير، حيث يجدون أنفسهم في حاجة ماسة إلى حلول فورية لتوفير مياه شرب نقية وآمنة للحفاظ على صحتهم وسلامتهم.

ومنذ صباح يوم السبت 7 أكتوبر، شنت المقاومة الفلسطينية هجمات استهدفت الداخل الإسرائيلي، كما قصف المقاومة مستوطنات غلاف غزة بآلاف الصواريخ التي استهدفت مواقع عديدة في المستوطنات الإسرائيلية، ورد الاحتلال الإسرائيلي بقصف قطاع غزة، والذي تم بشكل واسع ومكثف.

وسقط مئات القتلى في إسرائيل جراء هجمات المقاومة الفلسطينية، وقال هيئة البث الإسرائيلية.

وقال موقع "واللا" العبري، في وقتٍ سابقٍ، نقلًا عن العاملين في المستشفيات الإسرائيلية، "ما يحدث حاليًا لا يمكن وصفه بالفوضى العارمة بل أسوأ من ذلك بكثير".

واعتبر بنيامين نتنياهو، في أول خطابٍ له بعد اندلاع المواجهات، أن ما حدث يوم السبت 7 أكتوبر هو يوم قاسٍ غير مسبوق في إسرائيل، لتبدأ إسرائيل في قصق مكثف على القطاع

وقال نتنياهو، في كلمةٍ له، "هذا يوم قاسٍ لنا جميعًا"، مضيفًا: "ما حدث اليوم لم يسبق له مثيل في إسرائيل وسننتقم لهذا اليوم الأسود".

وأشار نتنياهو إلى أن فصائل المقاومة مسؤولة عن سلامة الأسرى، مضيفًا أن إسرائيل ستصفي حساباتها مع كل من يلحق بهم الأذى، وذلك حسب قوله.

وشهد يوم 17 أكتوبر نقطة فاصلة بعدما أقدم الإحتلال الإسرائيلي على ضرب مستشفى الأهلي المعمداني في قطاع غزة في جريمة سقط فيها آلاف الشهداء من الجانب الفلسطيني.